نجاح أي مشروع سوبر ماركت لا يعتمد فقط على الموقع أو الديكور أو العروض، بل على شيء أساسي وحاسم: اختيار البضاعة الصحيحة.
قد تملأ رفوف المحل بالبضائع، لكن إن لم تكن المنتجات مناسبة لعملائك، أو توقيت عرضها غير مناسب، أو هامش ربحها ضعيف، فإنك تخاطر بالخسارة بدل الربح.
في هذا الدليل العملي، سنتحدث عن خطوات ونصائح تساعدك على اختيار البضائع الأكثر مبيعًا وربحًا، وكيف تتفادى شراء منتجات لا تتحرك من الرفوف، وتخسر فيها أموالك دون فائدة.
أولًا: افهم طبيعة السوق الذي تعمل فيه
أول خطوة في اختيار المنتجات هي أن تفهم طبيعة المنطقة التي يوجد بها السوبر ماركت:
- هل هي منطقة شعبية أم متوسطة أم راقية؟
- ما متوسط دخل السكان؟
- ما أنواع المنتجات التي يطلبها الزبائن يوميًا؟
- هل هناك عائلات كبيرة أم سكان شباب فقط؟
فهمك لهذه التفاصيل يجعلك تعرف:
- المنتجات التي يجب أن تتوافر دائمًا
- الكميات المناسبة لكل منتج
- السعر الذي يستطيع العميل دفعه
على سبيل المثال، في المناطق الشعبية، المنتجات الصغيرة ذات السعر المنخفض تسير بسرعة، أما في المناطق الراقية فالجودة والعلامة التجارية قد تكون أهم من السعر.
ثانيًا: ابدأ بالأساسيات المطلوبة يوميًا
هناك مجموعة من البضائع تُعتبر أساسية، لا غنى عنها في أي سوبر ماركت. ويُفضل أن تبدأ بها قبل أي منتجات فرعية، وهي:
- الألبان والزبادي
- الخبز والبسكويت
- المياه والعصائر
- السكر، الأرز، الزيت
- منتجات النظافة والمناديل
- منتجات الأطفال (حفاضات، لبن بودرة)
هذه المنتجات تضمن لك حركة بيع مستمرة، لأن العميل يعود ليشتريها أكثر من مرة في الأسبوع، وربما يوميًا.
ثالثًا: لا تعتمد على التنوع العشوائي
بعض أصحاب المحلات يعتقدون أن كثرة الأصناف تعني كثرة البيع، فيقومون بشراء أنواع متعددة من نفس المنتج من دون خطة.
النتيجة؟ تراكم بضاعة غير مطلوبة، وفقدان رأس المال في منتجات لا تُباع.
الحل:
- اختر نوع أو نوعين فقط من كل صنف في البداية، وتابع الطلب عليهم.
- لا تدخل منتجًا جديدًا إلا إذا وجدت عليه طلبًا.
- جرّب كميات صغيرة أولًا، ثم زد حسب حركة البيع.
رابعًا: تابع المنافسين وتعلّم من رفوفهم
المنافسون ليسوا أعداءك، بل مصدر تعلم مهم جدًا.
قم بزيارة السوبر ماركتات القريبة منك، ولاحظ الآتي:
- ما هي المنتجات التي يعرضونها بكثرة؟
- ما أنواع العروض أو الخصومات المتكررة؟
- ما نوع البضاعة التي تُوضع عند الكاشير أو في الواجهة؟
- هل لديهم منتجات غير متوفرة عندك لكنها مطلوبة؟
هذا التحليل يساعدك في بناء تشكيلة منتجات ذكية، مبنية على فهم السوق، وليس على التخمين.
خامسًا: ركّز على المنتجات سريعة الدوران
المنتجات سريعة الدوران هي المنتجات التي تُباع بسرعة، وتُطلب كثيرًا.
أمثلة عليها:
- عبوات الشيبسي والمقرمشات
- زجاجات المياه الصغيرة
- البسكويت والعصائر الجاهزة
- المناديل الورقية الصغيرة
- أكياس المعكرونة والأرز
هذه المنتجات قد يكون هامش ربحها بسيط، لكنها تتحرك بسرعة، وتُساعد في تدوير رأس المال بشكل أفضل.
لذا احرص على:
- توفيرها باستمرار
- عرضها بشكل واضح
- تقديم عروض صغيرة عليها لزيادة حركة البيع
سادسًا: احسب هامش الربح لكل منتج
ليس كل منتج يُباع يعني أنه مربح.
قد يكون بعض المنتجات عليه طلب، لكنه لا يحقق هامش ربح جيد، أو تكلفة تخزينه مرتفعة.
لذا عند اختيار البضاعة، راجع التالي:
- سعر الشراء من المورد
- سعر البيع
- مصاريف النقل أو التوصيل
- تكلفة التخزين أو التبريد (لو موجودة)
- نسبة التلف أو انتهاء الصلاحية
ومن الأفضل أن تختار المنتجات التي تحقق:
- حركة بيع مستمرة
- هامش ربح ثابت
- وتكلفة تشغيل منخفضة
سابعًا: استشر الموردين واحصل على نصائحهم
الموردين لديهم خبرة كبيرة في السوق، لأنهم يتعاملون مع عشرات المحلات مثلك.
اطرح عليهم أسئلة مثل:
- ما المنتجات التي تتحرك بسرعة في منطقتي؟
- ما الأصناف الجديدة التي عليها إقبال حاليًا؟
- هل توجد عروض حالية أو خصومات؟
بعض الموردين أيضًا يقدمون دعم تسويقي أو تلاجات عرض مجانية إذا تعاملت معهم باستمرار.
لكن كن حذرًا من الالتزام معهم في كميات أكبر من طاقتك، حتى لا تتكدس البضاعة.
ثامنًا: راقب أداء المنتجات شهريًا
لا تترك الأمور تمشي بشكل عشوائي، بل خصص يومًا في كل شهر لتقييم أداء المنتجات:
- ما هي أكثر 10 منتجات مبيعًا؟
- ما المنتجات التي لم تُباع منذ شهر؟
- هل هناك منتج يسبب مشاكل في التخزين أو التبريد؟
- هل زاد الطلب على منتج معين وتحتاج لزيادة الكمية؟
هذه المتابعة البسيطة تجعلك:
- تأخذ قرارات صحيحة عند الشراء
- توفر في التكاليف
- وتزيد من الأرباح تدريجيًا
تاسعًا: استخدم طريقة العرض الذكية لجذب الانتباه
طريقة عرض البضاعة تؤثر كثيرًا على حركة البيع.
فمثلًا:
- ضع المنتجات السريعة عند مستوى نظر العميل
- المنتجات الترويجية عند الكاشير
- العروض في أول المحل أو على ممرات المرور
- المنتجات الجديدة بجانب منتجات شبيهة معروفة
الترتيب والنظافة والوضوح في التسعير، كلها عوامل تؤثر على قرار الشراء، حتى وإن كان المنتج نفسه عاديًا.
عاشرًا: لا تغامر بشراء كميات كبيرة في البداية
من الأخطاء الشائعة أن يقوم التاجر الجديد بشراء كميات كبيرة من صنف واحد، بناءً على عرض مؤقت أو خصم خاص.
لكن في بداية المشروع، أنت لا تعرف بعد حركة السوق بدقة، ولا طلب الزبائن على كل منتج.
لذلك:
- اشتر كميات متوسطة، وراقب حركة البيع.
- لا تعتمد على رأيك الشخصي فقط.
- استعن بالتجربة الفعلية لتحديد الأصناف المطلوبة.
الخاتمة:
اختيار المنتجات هو قلب مشروع السوبر ماركت.
هو ما يحدد هل سيأتي الزبائن إليك مرة واحدة، أم سيعودون دائمًا.
هو ما يحدد هل أموالك ستدور وتحقق أرباحًا، أم ستظل معلقة في رفوف لا تتحرك.
ابدأ بالبسيط، وراقب، وقارن، وغيّر حسب ما تراه على الأرض.
وتذكر دائمًا: الشراء الذكي هو أول خطوة نحو المكسب الحقيقي.
لا تعليق